ليلة القبض على امبراطور السموم الذى اغرق محافظات الصعيد بالصنف فى ادفو بأسوان
زوجته كشفت السر والثراء الفاحش فضح المستور والشرطة على موعد مع الجريمة
داخل أحد نجوع قری مركز إدفو شمال أسوان كانت طباع وأخلاق “ش” الشهير بـ”حتة” علی عكس أقرانه بعدما خالف العادات والتقاليد وطيبة قلوب أهل النجع ليتحول من طفل صغير لقنبلة شر موقوتة جاهزة للانفجار في أي وقت ، ولأن الطبع يغلب التطبع لم يتغير سلوك “حتة” في مراحل عمره المتعاقبة، وبعد سنوات متتالية دفع فاتورة انحرافه مع شريكة عمره بعدما فضح سر ثروته المفاجئة عن طريق ترويج السموم البيضاء ، لتنهار زوجته ومعها انهارت حياتهما وأصبح “حتة” مطاردا من رجال المباحث حتی سقط متلبسا بحيازة عدة أصناف من المواد المخدرة.
“حتة” كان هو لقب الطفل الصغير الذي أطلقه عليه جيرانه من الأطفال، وفي بداية حياته لم يكن هذا الطفل الصغير سوی نواة لشاب توقع الجميع أنه سيتمتع بسلوك إجرامى، لذا صار منبوذا لا يطيقه أي منهم ، مما غرس داخل نفسه غريزة الغل والحقد والرغبة في الانتقام ، ومن ثم صار وهو في هذه السن المبكرة يسرق من هذا ويضرب ذاك ضربا مبرحا، حتی طفح الكيل بأبيه الذي كان يلقنه علقة ساخنة بشكل يومي.
مع أسلوب التأديب الذي انتهجه الأب تجاه فلذة كبده فوجيء بأنه لا يرتدع وأدمن التزويغ والهروب من المدرسة وتمادي في رفع راية التمرد والعصيان ضد التعليم ، وبمرور الأيام وبعد أن تملكه اليأس لم يجد الأب المكلوم إلا العودة إلی اسداء النصح لابنه لعله يستجيب لهذا الأسلوب وهو الأمر الذي لم يلق أي اهتمام من “حتة” ، وفي النهاية لم يكن أمام الأب سوی أن يوافقه علی طلبه ويخرجه من المدرسة ليلتحق بأي عمل حرفي.
خرج “حتة” وأمامه هدفا واحدا هو أن يثبت رجولته وذاته أمام أسرته وأقرانه، وأصر الشاب الصغير علی أن يفعل أي شيء من أجل أن يكون علی شاكلة أقرانه القدامی الذين يعيشون حياة مرفهة نوعا ما، ولم يتخل “حتة” عن الحسد والحقد تجاههم وأضمر في نفسه أن يعود لإذلالهم بما سيمتلكه من أموال مستقبلا.
وبمرور الشهور التحق “ش” بأحد الأعمال الزراعية ليقتات منها رزقا حلالا ، ولكن ما أن تملك في يده حفنة من الأموال حتی عاد إلي سيرته الأولي وراوده الشيطان ليزين له حب الشهوات والقناطير المقنطرة من الذهب والجاه والسطوة ، خاصة بعد أن تعرف علی صديق جديد”ن” عزم معه علی أن يبحث عن طريق آخر ليحقق من خلاله طموحه وأحلامه.
وفي الوقت ذاته لم يتحمل قلب الأب جفاء معاملته لفلذة كبده الذي ظل سنوات يعيش مستقلا ، وفجأة استيقظت مشاعر الأبوة ونجح في أن يستعيد “حتة” من جديد ولكن ذلك لم يستمر طويلا بعد أن فضل الابن أن يبتعد عن أسرته مانحا نفسه الحرية والعمل بدون ضغوط ، وبالفعل وجد ضالته في مجموعة من أصدقاء السوء وبدأ معهم مشوار تعاطى المواد المخدرة بمختلف أصنافها، ومن بداية هذا الطريق رسم له الشيطان الطريق إلی الثروة من خلال ترويج السموم البيضاء.
بعد أن نجح الشيطان في اللعب برأس “حتة “، عاود التواصل مع صديقه القديم “ن” الذي لعب دور الوسيط في تقريب وجهات التعامل بينه وبين تاجر شهير للبانجو بإحدی المحافظات المجاورة لأسوان، وواقعيا تمكن من إبرام الصفقة الأولی التي أسالت لعابه ، وتوالت الصفقات الواحدة تلو الأخری ونجح “حتة” في تخطي الخطوات الأولی من مشوار حلمه داخل المحافظة المجاورة التي عاش فيها ، ليصبح واحدا من مشاهير تجار السموم المتخفين خلف ستار عملا آخر ، وهنا فكر “ش” جديا في أن يكمل نصف دينه وعاد لأسرته بعد غياب محملا بالهدايا والأموال وهم مقتنعين تماما بأن هذه الثروة ما هی إلا من خلال تجارته وعمله بسمسرة العقارات.
وقع اختيار “حتة” علی فتاة من أقاربه ، وبجرأة وقوة تقدم لخطبتها وتزوجها في عرس كبير كان حديث كل قری مركز إدفو ، وعاش “حتة “
حياة سعيدة مؤقتة، وفي ليلة من الليالي السعيدة ، صارح “ش” زوجته بحجم ثروته الهائلة، وصارحها بأن مصدرها ليس السمسرة فقط مما أوجسها خيفة منه لتبدأ رحلة الشكوك حول هذه الثروة ، وبعد أسابيع قليلة اكتشفت الزوجة السر وقضت وقتا طويلا بعيدة عنه وهی في حيرة بين أن تفشي هذا السر وتفتضح أمره أو الشكوی لأهلها ليتم الانفصال في هدوء دون مشكلات.
حاول “حتة” أن يقنع شريكة عمره بأنه سيستقيم لتعود المياه بينهما إلی مجاريها، ولكن قوبلت كل توسلاته بالرفض، وبمرور الوقت لم تجد الزوجة سوی أن تصارح أهلها بحقيقة خلافها ليتم الطلاق وينتشر الخبر داخل القرية بسرعة البرق مما دفع “حتة ” للفرار منها ليعيش في مركز أخر نقل فيه نشاطه الإجرامي بعيدا عن غضب أهله وسخط قريته ، وكما هو حاله دائما غاب “ش” عدة سنوات عقب أحداث يناير 2011 ثم عاد من جديد وهو أكثر ثراءً ، وفي ظل افتضاح أمره من قبل ، رصدته الأجهزة الأمنية التي كثفت من تحرياتها حول نشاط “حتة ” وتحركاته ، خاصة وأنه كان مطلوبا علی ذمة ثلاث قضايا متنوعة.
ومن خلال توجيه القيادات الأمنية تم تشكيل فريق بحث ضم عددا من ضباط المباحث ،حيث تم تكثيف التحريات لتحديد مكان اختفاء “حتة” ، وكشفت التحريات عن أن “ش” وشهرته “حتة” اتجه منذ فترة لترويج أصناف من السموم البيضاء وأنه كان يقيم بقرية من قری المركز واحتدمت الخلافات بينه وبين أهله ترك علی أثرها القرية وتوجه للإقامة والعمل بإحدى المزارع وظل هناك فترة قبل أن يتعرف علی مجموعة من أصدقاء السوء ساعدوه علی تحقيق حلمه القديم بالثراء والانتقام من كل من وقف ضده وسخر منه.
وأضافت التحريات التي أجراها عدد من عناصر الشرطة السريين بأن “حتة” عاد بعد ذلك وتصالح مع أهله وأوهمهم جميعا وعلی عكس الحقيقة بأن ثروته قد جمعها من تجارة العقارات السمسرة ، ثم تزوج ودخل في خلافات مع زوجته التي كشفت حقيقة أمره لينتقل للإقامة خارج القرية.
تم تكليف فريق بحث ضم عددا من الضباط ورجال الشرطة السريين، وعقب تقنين الإجراءات قاموا بتتبع ورصد تحركات “حتة” من خلال خطة محكمة استهدفته ، وفي توقيت محدد وعقب وردت معلومة أفادت بتحركه تم ضبطه وبحيازته أصناف من المواد المخدرة ليتم اقتياده إلی ديوان المركز وسط حراسة مشددة.
وبمواجهته بواقعة الضبط اعترف بالاتجار في السموم البيضاء وتم تحريز المضبوطات وتحرير المحضر اللازم وإحالة المتهم إلى النيابة العامة التى تولت التحقيق.